فصل: مسألة (64): لا يجب إمرار اليد في غسل الجنابة.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسألة ‏(‏52‏)‏‏:‏ الردة تنقض الوضوء، خلافا لهم‏.‏

وقد استدلَ أصحابنا‏:‏ 351- بما روى محمَد بن المصفَّى عن بقيَة عن عمرو بن أبي عمرو عن طاوس عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏"‏ الحدث حدثان‏:‏ حدث اللسان، وحدث الفرج، وحدث اللسان أشد من حدث الفرج، وفيهما الوضوء‏"‏‏.‏

وهذا حديث لا يصحُ، وبقيَة‏:‏ مدلسٌ، لعله سمعه من بعض الضعفاء وأسقط، إذ هذه كانت عادته‏.‏

واحتجَ المخالف‏:‏ 352- بما روى الترمذيَّ‏:‏ ثنا قتيبة ثنا وكيع عن شعبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ‏[‏أن النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏]‏ قال‏:‏ ‏"‏لا وضوء إلا من صوت أو ريح‏"‏‏.‏

وهذا لا حجَة لهم فيه، لأنَّه إنَّما ورد فيمن يشك في الحدث‏.‏

353- قال الترمذيَّ‏:‏ وثنا قتيبة ثنا عبد العزيز بن محمَد ‏[‏عن‏]‏ سُهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحاً ‏[‏بين‏]‏ أليتيه، فلا يخرج حتَّى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً‏"‏‏.‏

ثمَّ قد اتفقنا معهم على وجوب الوضوء بغير الصَّوت والريح‏.‏

ز‏:‏ قال عبد الرَّحمن بن أبي حاتم‏:‏ سمعت أبي وذكر حديث شعبة عن سُهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً‏:‏ ‏"‏لا وضوء إلا من صوتٍ أو ريحٍ‏"‏‏.‏

قال أبي‏:‏ هذا وهمٌ، اختصر شعبة متن هذا الحديث فقال‏:‏ ‏"‏لا وضوء إلا من صوتٍ أو ريحٍ‏"‏، رواه أصحاب سُهيل عن سُهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النَبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد ريحاً من نفسه، فلا يخرجنَّ حتَّى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً‏"‏ O‏.‏

مسألة ‏(‏53‏)‏‏:‏ غسل الميت ينقض الوضوء‏.‏

وقد أحتج أصحابنا‏:‏ بأن ابن عمر وابن عبَّاس كانا يأمران غاسل الميت أن يتوضأ‏.‏

واحتجَّ الخصم‏:‏ 354- بما رواه الدارَقُطني‏:‏ ثنا أحمد بن محمَّد بن سعيد ثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة ثنا خالد بن مخلد ثنا سليمان بن بلال عن عمرو ابن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس عليكم في ميتكم غسلٌ إذا غسلتموه، فإن ميتكم ليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم‏"‏‏.‏

قال يحيى‏:‏ عمرو لا يحتج بحديثه‏.‏

وقال أحمد‏:‏ ما به بأسٌ‏.‏

قال يحيى‏:‏ ولا بأس بخالد‏.‏

وقال أحمد‏:‏ له أحاديث مناكير‏.‏

355- وقد روى الخصم‏:‏ أنَّ عبد الرَحمن بن عوف غسل إبراهيم ابن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذهب ليتوضَّأ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أحدثت‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فلم تتوضَّأ‏؟‏‏"‏‏.‏

وهذا حديثٌ لا يعرف‏.‏

ز‏:‏ حديث عكرمة عن ابن عباس‏:‏ رواه الحاكم وقال‏:‏ هو على شرط البخاريٌ‏.‏

وهو حديثٌ منكرٌ، وعمرو وخالد‏:‏ من رجال الصَّحيح، فلعله موقوفٌ قد رفعه خالد أو غيره‏.‏

ورواه البيهقي موقوفاً على ابن عباس، ثم رواه مرفوعاً وقال‏:‏ هذا ضعيفٌ لا يصح رفعه، والحمل فيه على أبي شيبة كما أظن‏.‏

356- وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من غسَّل ميِّتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ‏"‏‏.‏

رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والتِّرمذيَّ وحسَّنه، ولم يذكر ابن ماجه الوضوء‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ هذا منسوخٌ‏.‏

وقال أحمد‏:‏ هو موقوفٌ على أبي هريرة‏.‏

وقال ابن المنذر‏:‏ ليس في هذا حديثٌ يثبت‏.‏

وقال البخاريُّ‏:‏ قال ابن حنبل وعليٌّ‏:‏ لا يصحُّ في هذا الباب شيءٌ‏.‏

وقال أبو بكر المُطَرِّز‏:‏ سمعت محمَّد بن يحيى يقول‏:‏ لا أعلم في ‏"‏ من غسَّل ميِّتاً فليغتسل ‏"‏ حديثاً ثابتاً، ولو ثبت لزمنا استعماله‏.‏

وقال الشَّافعيُ‏:‏ وإنَما منعني من إيجاب الغُسْل من غَسْل الميت أنَّ في إسناده رجلاَ لم أقع من معرفة ثبت حديثه إلي يومي على ما يقنعني، فإن وجدت من يقنعني أوجبته وأوجبت الوضوء من مسِّ الميت مفضياً إليه، فإنَّهما في حديثٍ واحدٍ‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ الروايات المرفوعة في هذا الباب عن أبي هريرة غير قويَّة، لجهالة بعض رواتها، وضعف بعضهم، والصَّحيح عن أبي هريرة من قوله موقوفاً غير مرفوعٍ‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ معناه‏:‏ ومن أراد حمله ومتابعته فليتوضأ من أجل الصَّلاة عليه‏.‏

وهو تأويلٌ بعيدٌ‏.‏

357- وقد أخرج أبو داود الحديث من طريق ابن أبي ذئب عن القاسم بن عبَّاس عن عمرو بن عمير عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من غسَّل الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضَّأ‏"‏‏.‏

وأخرجه من حديث ابن عيينة عن سُهيل بن أبي صالح عن أبيه عن إسحاق مولى زائدة عن أبي هريرة يرفعه، قال‏:‏ ‏"‏مِنْ حَمْل الجنازة‏:‏ الوضوء، ومِنْ غَسْل الميت‏:‏ الغسل‏"‏‏.‏

ورواه يحيى الحمَّانيُّ عن خالد بن عبد الله عن سُهيل‏.‏

وروى علي بن المبارك ومعاوية بن سلام عن يحيى عن رجلِ من بني ليث حدَّثني أبو إسحاق أنه سمع أبا هريرة يحدّث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من غسَّل ميتاً فليغتسل‏"‏‏.‏

وروى نحوه ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعاً‏.‏

هكذا رواه عنه شبابة و ابن أبي فديك، ثم قال ابن أبي فديك‏:‏ وحدَثني ابن أبي ذئب عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من غسَّل الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضَّأ‏"‏‏.‏

وقال روح‏:‏ ثنا ابن جريج أنا سُهيل عن أبيه عن أبي هريرة بهذا‏.‏

وقال حمَّاد بن سلمة‏:‏ عن محمَد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏الغسل على من غسَّل، والوضوء على من حمل‏"‏‏.‏

وقال وهيب‏:‏ ثنا أبو واقد عن إسحاق مولى زائدة عن محمَد بن عبد الرَّحمن بن ثوبان عن أبي هريرة مرفوعاً قال‏:‏ ‏"‏مِن غَسله‏:‏ الغُسل، ومِن حَمله‏:‏ الوضوء‏"‏‏.‏

ذكر هذه الطرق كلَّها بقي بن مخلد في ‏"‏ مسنده‏"‏‏.‏

وروى ابن لهيعة عن حنين بن أبي حكيم عن صفوان بن سُليم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مرفوعاً‏:‏ ‏"‏من غسَّل ميتاً فليغتسل‏"‏، وفي لفظِ‏:‏ ‏"‏مِن غَسل الميت‏:‏ الغسل، ومن حَمله‏:‏ الوضوء ‏"‏ رواه البيهقي، وقال‏:‏ ابن لهيعة وحنين بن أبي حكيم‏:‏ لا يحتجُّ بهما، والمحفوظ من حديث أبي سلمة موقوفاً من قول أبي هريرة‏.‏

ورواه من رواية عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن محمَّد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً‏.‏

358- وقال أبو داود‏:‏ ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا محمَد بن بشر ثنا زكريا ثنا مصعب بن شيبة عن طَلْق بن حبيب العَنَزِي عن عبد الله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنَّها حدَّثته أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يغتسل من أربع‏:‏ من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميِّت‏.‏

هذا الإسناد على شرط مسلم‏.‏

وقد رواه الإمام أحمد والدَّارَقُطْنيُ وابن خزيمة في ‏"‏ صحيحه ‏"‏ والحاكم في ‏"‏ المستدرك‏"‏‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ رواة هذا الحديث كلُهم ثقات، وتركه مسلم فلم يخرجه، وما أُراه تركه إلا لطعن بعض الحفَاظ فيه‏.‏

ومصعب بن شيبة‏:‏ وثَّقه يحيى بن معين، وقال أحمد‏:‏ روى أحاديث مناكير‏.‏

وقال أبو حاتم الرَازيَّ‏:‏ لا يحمدونه، وليس بالقويِّ‏.‏

وقال النَسائيُّ‏:‏ منكر الحديث‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنيُ‏:‏ ليس بالقويِّ ولا بالحافظ O‏.‏

مسائل المسح على الخفَّين

مسألة ‏(‏54‏)‏‏:‏ يجوز المسح في الحضر والسَّفر

وقال مالك‏:‏ يجوز في السَّفر‏.‏

وله في الحضر روايتان‏.‏

ومنعت الإمامية وأبو بكر بن داود من المسح جملةً‏.‏

لنا أحاديث‏:‏ 359- قال مسلم بن الحجَاج‏:‏ ثنا يحيى بن يحيى ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همَّام قال‏:‏ بال جرير ثمَّ توضَأ ومسح على خفَّيه، فقيل‏:‏ تفعل هذا‏؟‏‏!‏ فقال‏:‏ نعم، رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بال ثمَّ توضَّأ ومسح على خفَّيه‏.‏

قال الأعمش‏:‏ قال إبراهيم‏:‏ كان يعجبهم هذا الحديث، لأنَّ إسلام جرير كان بعد نزول ‏"‏ المائدة‏"‏‏.‏

وأخرجه البخاريُّ‏.‏

360- وقال‏:‏ ثنا يحيى ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم عن مسروق عن المغيرة بن شعبة قال‏:‏ كنت مع النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفرٍ، فقال‏:‏ ‏"‏يا مغير، خذ الإداوة‏"‏‏.‏

فأخذتها، فانطلق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتَّى توارى عني، فقضى حاجته، وصببت عليه فتوضَّأ وضوءه للصَلاة، ومسح على خفَّيه، ثم صلى‏.‏

وأخرجه مسلم‏.‏

وقد روى حديث المسح‏:‏ عمر وعلي وسعد وبلالٌ وثوبانُ وعبادةُ بنُ الصَامت وحذيفةُ وأنس وسهلُ بنُ سعدٍ ويعلى بنُ مرة وأسامةُ بنُ زيدٍ وأسامةُ بنُ شَريكٍ وصفوانُ بنُ عسَال وأبو أمامةَ وجابرٌ وعمرو بنُ أميَة في آخرين‏.‏

وقال الحسن البصريَّ‏:‏ روى المسح سبعون نفساً فعلاً منه وقولاً‏.‏

ز‏:‏ حديث سعد بن أبي وقَاص‏:‏ رواه البخاريُّ؛ وكذلك حديث عمرو بن أميَّة‏.‏

وحديث بلال‏:‏ رواه مسلم‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ ليس في قلبي من المسح شيءٌ، فيه أربعون حديثاً عن أصحاب رسول الله جمع، ما رفعوا إلى النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما وقفوا O‏.‏

أمَّا الخصم‏:‏

360/أ- فرووا عن عليٍّ عليه السلام أنَّه قال‏:‏ ما أبالي مسحت على الخفَّين أو على ظهر حمار‏.‏

360/ب- وعن ابن عبَّاس أَنه قال‏:‏ سبق كتاب الله المسح، وما أبالي أمسحت على الخفين أو على طهر نجيبي هذا‏.‏

360/جـ- وأَنه قال‏:‏ قد مسح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الخفين، ووالله ما مسح بعد ‏"‏ المائدة‏"‏‏.‏

وجواب هذا‏:‏ أَنه قد صحَ عن علي عليه السَلام حديث المسح، وما ذكروه عنه لا يصحُ‏.‏

وكذلك ما رووا عن ابن عبَّاس، ولو صحَ فجرير أعلم بحال نفسه، وقد ذكرنا أَنه روى المسح وقال‏:‏ أسلمت بعد ‏"‏ المائدة‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏55‏)‏‏:‏ والمسح يتوقَّتُ بيوم وليلةِ للمقيم، وثلاثة أيَّام ولياليها للمسافر‏.‏

وقال مالك‏:‏ ليس فيه توقيت‏.‏

لنا ستة أحاديث‏:‏

361- الحديث الأوَل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا يزيد عن الحجَّاج عن الحكم عن القاسم بن مُخيمرة عن شُريح بن هانىء قال‏:‏ سألت عائشة عن المسح فقالت‏:‏ سل عليّاً فإنه أعلم بهذا مني، كان يسافر مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

فسألت عليّاً فقال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

362- الحديث الثاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا يحيى بن آدم ثنا سفيان عن عاصم عن زر بن حُبيش قال‏:‏ أتيت صفوان بن عَسَّال فسألته عن المسح على الخفَّين فقال‏:‏ كنَّا نكون مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيَّامٍ إلا من جنابة، ولكن من غائطٍ وبولِ ونوم‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

فإن قيل‏:‏ قد تكلَّموا في حفظ عاصم بن أبي النجود‏.‏

قلنا‏:‏ قد خرّج عنه في ‏"‏ الصَحيحين‏"‏‏.‏

ز‏:‏ وقد روى هذا الحديث‏:‏ النَّسائي وابن ماجه وابن خزيمة في ‏"‏صحيحه‏"‏‏.‏

وعاصم‏:‏ روى له البخاريُّ ومسلمٌ مقروناً بغيره، ووثَّقه الإمام أحمد وأبو زرعة ومحمد بن سعد وأحمد بن عبد الله العِجلي وغيرهم، وكان صاحب سنَّة وقراءةٍ للقرآن، وقال ابن معين‏:‏ لا بأس به‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ محله الصدق، لم يكن بذاك الحافظ‏.‏

وقال النَّسائي‏:‏ ليس به بأسٌ‏.‏

وقال ابن خراشِ‏:‏ في حديثه نكرة‏.‏

وقال العقيليُّ‏:‏ لم يكن فيه إلا سوء الحفظ‏.‏

وقال الدارَقُطنِي‏:‏ في حفظه شيءٌ O‏.‏

363- الحديث الثَالث‏:‏ قال التِّرمذي‏:‏ ثنا قتيبة ثنا أبو عوانة عن سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيميٌ عن عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدليٌ عن خُزيمة بن ثابت عن النَبيٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه سُئل عن المسح على الخفين فقال‏:‏ ‏"‏للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يوم وليلة‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيَّ‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ ورواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وأبو حاتم ابن حِبَان‏.‏

وقال البيهقيُ‏:‏ إسناده مضطربٌ‏.‏

وقال مُهَنَا‏:‏ سألت أحمد عن أجود الأحاديث في المسح، قال‏:‏ حديث شريح بن هانىء عن عائشة، وحديث خزيمة بن ثابت، وحديث عوف بن مالك O‏.‏

364- الحديث الرَابع‏:‏ أخبرنا محمَد بن أحمد بن صرما أنا عبد الله بن الحسن الخلاَّل أنا عبيد الله بن أحمد الصَيدلانيُ ثنا أبو بكر النَيسابوريَّ ثنا محمَد بن إسحاق ثنا محمَد بن عمر ثنا قدامة بن موسى الجُمحِيُ عن الزبرقان بن عبد الله ابن عمرو بن أميَة الضَّمْرِي عن أبيه عن جدِّه عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في المسح على الخفَين‏:‏ ‏"‏للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومٌ وليلة‏"‏‏.‏

ز‏:‏ محمَد بن عمر الواقديَّ‏:‏ متروكٌ O‏.‏

365- الحديث الخامس‏:‏ وبالإسناد ثنا النَيسابوريَّ ثنا عليُ بن حربِ ثنا زيد بن الحُباب حدَّثني خالد بن أبي بكر بن ‏[‏عبيد الله‏]‏ حدثني سالم عن ابن عمر أنَ سعد بن أبي وقَاص سأل عمر بن الخطَاب عن المسح، فقال عمر‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بالمسح على ظهر الخف للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يومٌ وليلةٌ‏.‏

366- الحديث السادس‏:‏ وبالإسناد عن زيد بن الحُباب حدَثني عمر بن عبد الله اليماميُ عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال‏:‏ سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المسح على الخفين، فقال‏:‏ ‏"‏للمقيم يوما وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها‏"‏‏.‏

ز‏:‏ إسناد حديث عمر‏:‏ صالحٌ‏.‏

قال أبو حاتم‏:‏ خالد بن أبي بكر بن عبيد الله‏:‏ يكتب حديثه‏.‏

وقال البخاريَّ‏:‏ له مناكير عن سالم بن عبد الله‏.‏

وذكره ابن حِبَان في ‏"‏ الثقات‏"‏‏.‏

وقد أطال الدَارَقُطْنيُ الكلام على حديث عمر في المسح، ثم قال‏:‏ ورواه خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطَّاب عن سالم عن أبيه عن عمر، وأغرب فيه بألفاظِ لم يأت بها غيره، ذكر فيه المسح وقال فيه‏:‏ على ظهر الخف، وذكر فيه التوقيت ثلاثاً للمسافر ويوماً وليلةً للمقيم، قاله زيد ابن الحباب عنه‏.‏

حدَّثنا القاضي المحاملي ثنا علي بن حربٍ ثنا زيد بن الحباب بذلك‏.‏

وخالد بن أبي بكر العمري- هذا-‏:‏ ليس بالقوي‏.‏

وعمر بن عبد الله اليماميُّ- في إسناد حديث أبي هريرة-‏:‏ قال البخاريُّ فيه‏:‏ منكر الحديث ذاهب‏.‏

وقد روى ابن ماجه حديثه هذا عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب كلاهما عن زيد بن الحبُاب‏.‏

وقد سُئل عنه الدَّارَقُطنِي فضعَّفه، وضعف كلَّ ما روي عن أبي هريرة في المسح على الخفين، والله أعلم‏.‏

368- وعن عوف بن مالكٍ الأشجعي أنَّ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بالمسح على الخُفَّين في غزوة تبوك، ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوماً وليلةً للمقيم‏.‏

رواه الإمام أحمد والدَارَقُطني‏.‏

وقال أحمد‏:‏ هذا من أجود حديثٍ في المسح على الخُفَّين، لأنه في غزوة تبوك، آخر غزاة غزاها‏.‏

369- وقال أبو طاهر المُخَلص‏:‏ ثنا عبد الله- هو البغويَّ- ثنا أحمد بن إبراهيم الموصليُ ثنا الصُبَيُ بن الأشعث عن أبي إسحاق عن البراء‏:‏ سئل عن الخفَّين، فقال‏:‏ أمرني- يعني‏:‏ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

كذا قال الموصليُ- أن أمسح عليهما للمسافر ثلاث ليالٍ وأيَّامهن، وللمقيم يوماً وليلةَ‏.‏

ورواه الطَّبرانيُ بمعناه عن محمَد بن عبد الله الحضرميِّ ثنا موسى بن الحسن السَّلوليُ ثنا الصُبَيُ‏.‏

فذكره‏.‏

وقد تكلَم ابن عَدِي في الصُبَيِّ بن الأشعث، وقال أبو حاتم‏:‏ شيخ، يكتب حديثه O‏.‏

احتجّوا بثلاثة أحاديث‏:‏ 370- الحديث الأوَل‏:‏ أنا به محمد بن أحمد بن صرما أنا عبد الله بن الحسن الخلاَّل أنا عبيد الله بن أحمد الصَيدلانيُ ثنا أبو بكر عبد الله بن محمَد النَيسابوريَّ ثنا محمَد بن إسحاق أنا ابن أبي مريم أنا يحيى بن أيُوب حدَثني عبد الرحمن بن رَزِين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن أيُوب بن قَطَن عن عبادة بن نُسيٍّ عن أُبي بن عمارة أَنه قال‏:‏ يا رسول الله، أمسح على الخفَين‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم‏"‏‏.‏

قال‏:‏ يومَا يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم، ويومين‏"‏‏.‏

قال‏:‏ ويومن يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم، وثلاث‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وثلاث‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم ‏"‏- حتى بلغ سبعاً-‏.‏

ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏نعم، ما بدا لك‏"‏‏.‏

قال أحمد بن حنبل‏:‏ رجاله لا يعرفون‏.‏

وقال الدارَقُطْني‏:‏ هذا إسنادٌ لا يثبت،

وعبد الرَّحمن ومحمد بن يزيد وأيوب مجهولون‏.‏

والله أعلم‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود عن يحيى بن معين عن عمرو بن الربيع بن طارق عن يحيى بن أيُّوب، ولم يذكر عبادة،‏.‏

ورواه ابن ماجه عن حرملة بن يحيى وعمرو بن سَوَّاد كلاهما عن ابن وهبٍ عن يحيى بن أيُّوب‏.‏

قال أبو داود‏:‏ وقد اختلف في إسناده، وليس بالقويِّ‏.‏

ورواه الحاكم وقال‏:‏ في رواته مجروحٌ‏.‏

وقال أبو زرعة الدمشقي‏:‏ سمعت أحمد بن حنبل يقول‏:‏ حديث أُبيِّ بن عمارة ليس بمعروفٍ‏.‏

وأخبرني يحيى بن معين عن عمرو بن الربيع بن طارق عن يحيى بن أيوب أن أُبيَّ بن عمارة صلَّى القبلتين‏.‏

فناظرت أبا عبد الله أحمد بن حنبل في حديثه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح، فلم يقنع، قلت له‏:‏ فحديث عطاء بن يسار عن ميمونة- حديث يحدث به أبو عبد الله، أعني‏:‏ في المسح أيضاً-‏؟‏ قال‏:‏ ذاك من كتاب‏.‏

قال‏:‏ قلت لأبي عبد الله‏:‏ فإلى أيَّ شيءَ ذهب أهل المدينة في المسح أكثر من ثلاثٍ ويومٍ وليلةِ‏؟‏ قال‏:‏ لهم فيه أثرٌ‏.‏

قال أبو عبد الله‏:‏ حديث خزيمة مما لعلَه أن يدلَّ عليَّ- يعني حجَة لهم- قوله‏:‏ ولو استزدته لزادني O‏.‏

371- الحديث الثاني‏:‏ أنا محمَد بن أحمد الدَّقَّاق أنا عبد الله بن الحسن أنا عبيد الله الصَيدلانيُ ثنا أبو بكرِ النَيسابوريَّ ثنا يونس بن عبد الأعلى أنا ابن وهبِ أخبرني حَيْوة قال‏:‏ سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول‏:‏ حدَثني عبد الله بن الحكم عن عُلَيَّ بن رباح أن عقبة بن عامر حدَثه أَنه قدم على عمر بفتح دمشق، قال‏:‏ وعَلَيَّ خُفان‏.‏

قال لي عمر‏:‏ كم لك يا عقبة مذ لم تنزع خفيك‏؟‏ فذكرت‏:‏ من الجمعة، منذ ثمانية أيام‏.‏

فقال‏:‏ أحسنت وأصبت السُنَة‏.‏

هذا حديثٌ قد اختلف على يزيد بن أبي حبيب فيه، فرواه عنه جرير عن عُلَيَّ بن رباح، ليس بينهما أحد‏.‏

ز‏:‏ ذكر الدَارَقُطْنيُ في ‏"‏ العلل ‏"‏ أن عمرو بن الحارث ويحيى بن أيُوب والليث بن سعدِ رووه عن يزيد فقالوا فيه‏:‏ فقال عمر‏:‏ أصبت‏.‏

ولم يقولوا‏:‏ ‏(‏السُّنَة‏)‏، وهو المحفوظ‏.‏

قال‏:‏ ورواه جرير بن حازم عن يحيى بن أيُّوب عن يزيد بن أبي حبيب عن عُلَيَّ بن رباح عن عقبة- وأسقط من الإسناد‏:‏ ‏(‏عبد الله بن الحكم البَلَويَّ‏)‏- وقال فيه‏:‏ ‏(‏أصبت السُّنة‏)‏ كما قال ابن لَهيعة والمفضَّل O‏.‏

372- الحديث الثَالث‏:‏ قال الدارَقُطني‏:‏ ثنا أبو محمَّد بن صاعد ثنا الرَبيع بن سليمان ثنا أسد بن موسى ثنا حمَّاد بن سلمة عن عبيد الله بن أبي بكر وثابت عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا توضأ أحدكم ولبس خُفيه فليمسح عليهما، وليصلِّ فيهما، ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة‏"‏‏.‏

وهذا محمولٌ على مدَة الثَلاث بدليلنا‏.‏

ز‏:‏ إسناد هذا الحديث قويٌ‏.‏

وأسدٌ صدوقٌ، وثقه النَسائي وغيره، ولا إلتفات إل كلام ابن حزم فيه‏.‏

وقد صحَح إسناده الحاكم، وذكر أَنه شاذٌ بمرَّةٍ O‏.‏

مسألة ‏(‏56‏)‏‏:‏ من شرط جواز المسح أن يلبس الخفَّين بعد كمال الطَّهارة‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يشترط ذلك‏.‏

لنا أحاديث، منها‏:‏ 373- ما روى الدارَقُطني‏:‏ ثنا علي بن إبراهيم المُستَملي ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ثنا بُندَار ثنا عبد الوهَاب بن عبد المجيد ثنا المهاجر بن مخلد عن عبد الرَحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النَّبيٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه رخَّص للمسافر ثلاثة أيَّام ولياليهن، وللمقيم يومَا وليلةَ، إذا تطهَّر فلبس خُفَّيه أن يمسح عليهما‏.‏

ووجه الحجَّة‏:‏ أنَّ الفاء للتعقيب، فعقَّب طهارة الرِّجلين باللبس‏.‏

ز‏:‏ وروى هذا الحديث‏:‏ أبو بكر الأثرم في ‏"‏ سننه ‏"‏ والطَّبراني‏.‏

وقال الخطَابي‏:‏ هو صحيح الإسناد‏.‏

وروى بعضهم‏:‏ ولبس خفَّيه ‏(‏بالواو‏)‏‏.‏

وقد تكلَّم بعضهم في مهاجر بن مخلد، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم‏:‏ سألت أبي عنه فقال‏:‏ لينُ الحديث، ليس بذاك، وليس بالمتقن، شيخٌ يكتب حديثه‏.‏

وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين‏:‏ صالحٌ O‏.‏

374- حديث آخر‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا عَبدة بن سليمان ثنا مُجالد عن الشَعبيَّ عن المغيرة بن شعبة قال‏:‏ وضأتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفرٍ، فغسل وجهه وذراعيه، ومسح برأسه، ومسح على خُفيه، فقلت‏:‏ يا رسول الله، ألا أنزع خُفَيك‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا، إني أدخلتهما وهما طاهرتان‏"‏‏.‏

وقد روى هذا المعنى عنه‏:‏ أبو هريرة وصفوان بن عَسَّال‏.‏

ز‏:‏ مُجالد‏:‏ تكلَم فيه غير واحدٍ، وأصل حديث المغيرة في ‏"‏ الصحيح ‏"‏ من رواية الشَعبيَّ عن عروة بن المغيرة عنه‏.‏

375- وقد روى أبو يعلى الموصليُ‏:‏ ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ثنا أبو أسامة حدَثني أبو روق ‏[‏‏]‏ عطيَّة بن الحارث الهمدانيُ حدَثني أبو الغريف عن صفوان بن عَسَال قال‏:‏ بعثنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سريَّةً، وقال‏:‏ ‏"‏سيروا بسم الله، قاتلوا أعداء الله، لا تغلُوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، وليمسح أحدكم إذا كان مسافراً- إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان- ثلاثة أيّام ولياليها، وإن كان مقيماً فيومٌ وليلةٌ‏"‏‏.‏

رواه الإمام أحمد بنحوه‏.‏

ورواه النَسائي عن هارون بن عبد الله‏.‏

ورواه ابن ماجه عن الحسن بن علي ‏[‏‏]‏ الخلاَّل‏.‏

كلاهما عن أبي أسامة، سوى ما في آخره من ذكر المسح‏.‏

وأبو الغريف‏:‏ اسمه‏:‏ عبيد الله بن خليفة، قال ابن أبي حاتم‏:‏ سئل أبي عنه فقال‏:‏ كان على شرطة عليَّ بن أبي طالبٍ، ليس بالمشهور‏.‏

قلت‏:‏ هو أحبُّ إليك أو الحارث الأعور‏؟‏ قال‏:‏ الحارث أشهر، وهذا قد تكلَّموا فيه، وهو شيخٌ، من نظراء أصبغ بن نُبَاته‏.‏

وقد ذكر البخاري أبا الغريف فلم يذكر فيه شيئاً‏.‏

ورواية النَسائيَّ من طريقه ممَا يقويَّ أمره، ولم يبيَّن أبو حاتم من تكلَم فيه، ولا بيَّن الجرح ما هو‏؟‏

376- وعن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضَّأ ومسح على خفيه، فقلت‏:‏ يا رسول الله، رجليك لم تغسلهما‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏إني أدخلتهما وهما طاهرتان‏"‏‏.‏

رواه الإمام أحمد بإسنادٍ ضعيفِ O‏.‏

مسألة ‏(‏57‏)‏‏:‏ يمسح ظاهر الخفِّ دون باطنه‏.‏

وقال مالك والشَّافعيُّ‏:‏ يمسح الظَاهر والباطن‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ الأوَّل‏:‏ حديث عمر‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بالمسح على ظهر الخفِّ‏.‏

وقد سبق بإسناده‏.‏

377- والثَّاني‏:‏ رواه الدَارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن القاسم بن زكريا ثنا أبو كريب ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد خير قال‏:‏ قال عليٌّ عليه السَّلام‏:‏ لو كان الدَّين بالرأي، لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، لقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على ظاهر خُفَّيه‏.‏

ز‏:‏ ورواه الإمام أحمد وأبو داود‏.‏

وقال الحافظ عبد الغني المقدسيُّ‏:‏ إسناده صحيحٌ، ورجاله ثقاثٌ كلُّهم‏.‏

وقد روى أبو السَّوداء- شيخٌ لابن عيينة- عن عبد خيرٍ عن أبيه عن عليٍّ نحوه O‏.‏

378- الحديث الثالث‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا إبراهيم بن أبي العبَّاس ثنا عبد الرحمن بن أبي الزّناد عن أبي الزناد عن عروة قال‏:‏ قال المغيرة بن شعبة‏:‏ رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على طهور الخفَين‏.‏

ز‏:‏ ورواه التِّرمذي، ولفظه‏:‏ رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفَّين، على ظاهرهما‏.‏

وقال‏:‏ حديثٌ حسنٌ، ولا نعلم أحداً يذكر عن عروة عن المغيرة‏:‏ على ظاهرهما‏.‏

غير عبد الرحمن‏.‏

قال الفلاَّس‏:‏ كان عبد الرَحمن بن مهدي لا يحدِّث عن عبد الرَحمن بن أبي الزِّناد‏.‏

وقال أحمد‏:‏ عبد الرحمن مضطرب الحديث‏.‏

وقال ابن معينِ‏:‏ لا يحتج بحديثه‏.‏

ووثَّقه مالكٌ، وقال أبو حاتم‏:‏ يكتب حديثه ولا يحتجُ به‏.‏

وقال النَسائيُّ‏:‏ ضعيفٌ O‏.‏

احتجوا‏:‏ 379- بما روى أحمد‏:‏ ثنا الوليد بن مسلم أخبرني ثور بن يزيد عن رجاء بن حَيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة بن شعبة أنَّ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح أعلى الخفّ وأسفله‏.‏

قال التّرمذي‏:‏ هذا حديث معلولٌ، لم يسنده عن ثور غير الوليد‏.‏

وسألتُ أبا زُرْعة ومحمداً عن هذا الحديث فقالا‏:‏ ليس بصحيحِ‏.‏

قال المؤلّف‏:‏ قلت‏:‏ كان الوليد يروي عن الأوزاعيٌ أحاديث هي عند الأوزاعيٌ عن شيوخِ ضعفاء، عن شيوخِ قد أدركهم الأوزاعي- مثل‏:‏ نافع والزهريٌ-، فيسقط أسماء الرواة الضعفاء، ويجعلها عن والأوزاعيّ عنهم‏.‏

ز‏:‏ الوليد بن مسلم‏:‏ إمامٌ، صدوقٌ، مشهورٌ، لكنه يدلّس عن الضعفاء، فإذا قال‏:‏ ‏(‏ثنا الأوزاعي- أو غيره- أو أنا‏)‏ فهو حجَّةٌ‏.‏

وليس علةُ الحديث ما ذكره المؤلف، ولم يرو الوليد هذا الحديث عن الأوزاعيٌ، ولكن علَّةُ الحديث ما ذكره التّرمذي من رواية ابن المبارك عن ثور عن رجاء قال‏:‏ حدِّثت عن كاتب المغيرة- مرسلٌ- عن النبيٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لم يذكر فيه المغيرة‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ بلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ لم يسمعه ثور من رجاء، وليس فيه المغيرة‏.‏

وقال أبو حاتم الرَازي‏:‏ ليس بمحفوظِ، وسائر الأحاديث عن المغيرة أصح‏.‏

وقال الدارَقُطني‏:‏ لا يثبت، لأن ابن المبارك رواه عن ثور مرسلاً‏.‏

والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏58‏)‏‏:‏ يمسح أكثر أعلى الخفِّ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ مقدار ثلاث أصابع‏.‏

وقال الشَافعي‏:‏ مقدار ما يقع عليه اسم المسح‏.‏

380- قال ابن ماجه‏:‏ ثنا محمَّد بن المُصَفَّى ثنا بقية عن جرير بن يزيد حدثنى منذر حدَّثني محمَد بن المنكدر عن جابر قال‏:‏ مرَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجلِ يتوضأ ويغسل خُفَّيه، فقال بيده، كأنَّه دفعه‏:‏ ‏"‏إنَّما أمرت بالمسح هكذا‏:‏ أطراف الأصابع إلى أصل الأصابع، إلى أصل السَّاق ‏"‏ وخطط بالأصابع‏.‏

وهذا يقتضي بجميع أصابعه‏.‏

ز‏:‏ جرير- هذا-‏:‏ ليس بمشهورٍ، ولم يرو عنه غير بقيَّة‏.‏

ومنذر‏:‏ كأنَّه ابن زياد الطَائيّ، وقد كذَّبه الفلاَّس، وقال الدَارَقُطني‏:‏ متروكٌ‏.‏

ولم يخرِّج ابن ماجه لجرير ومنذر غير هذا الحديث، والله أعلم O‏.‏

380- وروى سعيد بن منصور ثنا هُشيم ثنا ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى بن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال‏:‏ رأيتُ عمر بن الخطَّاب بال فتوضَّأَ، ثمَّ مسح على خفَّيه، حتى إنِّي أنظر إلى آثار أصابعه‏.‏

381- قال سعيدٌ‏:‏ وثنا فُضيل بن عياض عن هشام بن حسَّان عن الحسن قال‏:‏ المسح على الخفين خطوطٌ بالأصابع‏.‏

مسألة ‏(‏59‏)‏‏:‏ يجوز المسح على الجوربين الصَّفيقين، خلافاً لهم‏.‏

لنا حدثان‏:‏ 381/أ- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي قيس عن هُزَيل بن شُرَحبيل عن المغيرة بن شُعبة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأَ، ومسح على الجوربين والنَّعلين‏.‏

قال الترمذيَّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

فإن قالوا‏:‏ قد روي عن أحمد أنَه قال‏:‏ أحاديث أبي قيس ليست حجَةَ‏.‏

قلنا‏:‏ قد قال في رواية‏:‏ ليس بأبي قيس بأسٌ‏.‏

ثم قد صحَّحه الترمذيَّ‏.‏

ز‏:‏ وروى هذا الحديث‏:‏ أبو داود وابن ماجه‏.‏

قال أبو داود‏:‏ وكان عبد الرحمن بن مهديّ لا يحدِّث بهذا الحديث، لأنَ المعروف عن المغيرة أنَ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين‏.‏

وذكر البيهقيُّ حديث المغيرة هذا، وقال‏:‏ وذاك حديث منكرٌ، ضعَّفه‏:‏ سفيان الثَوريَّ وعبد الرحمن بن مهديّ وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعليُ بن المدينيِّ ومسلم بن الحجَاج، والمعروف عن المغيرة حديث المسح على الخفين، ويروى عن جماعة أنهم فعلوه‏.‏

وأبو قيس‏:‏ اسمه‏:‏ عبد الرحمن بن ثروان الأَوْدِيَّ، وهو من رجال ‏"‏الصحيح‏"‏، ووثَّقه يحيى بن معين، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه‏:‏ يخالف في حديثه‏.‏

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم‏:‏ سألتُ أبي عن أبي قيسٍ الأَوْدِي، فقال‏:‏ ليس بقوي، قليل الحديث، ليس بحافظٍ‏.‏

قيل له‏:‏ كيف حديثه‏؟‏ قال‏:‏ صالحٌ، هو ليِّنُ الحديث O‏.‏

382- الحديث الثاني‏:‏ قال ابن ماجه‏:‏ ثنا محمَد بن يحيى ثنا مُعَلى بن منصور وبشر بن آدم قالا‏:‏ ثنا عيسى بن يونس عن عيسى بن سِنان عن الضَحَاك بن عَرْزَب عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضَّأَ، ومسح على الجوربين والنَّعلين‏.‏

قال يحيى بن معين‏:‏ عيسى بن سِنان ضعيفٌ‏.‏

ز‏:‏ الضَحَاك هو‏:‏ ابن عبد الرحمن بن عَرْزَب- ويقال‏:‏ ابن عَرزَم-، أبو عبد الرحمن الشَاميُ، وثقه أحمد بن عبد الله العِجْلِيُ وأبو حاتم بن حِبَان‏.‏

وعيسى‏:‏ ضعَّفه أحمد أيضاً، وقال أبو حاتم‏:‏ ليس بقوي في الحديث‏.‏

وقال البيهقيُ‏:‏ الضَحَّاك بن عبد الرحمن لم يثبت سماعه من أبي موسى، وعيسى بن سِنان ضعيف لا يحتجُ به O‏.‏

قال المؤلف‏:‏ وقد كان يمسح على الجوربين‏:‏ عمر وعليٌ وابن عبَّاسِ والبراء وأبو أمامة وأنس وعقبة بن عامر‏.‏

ز‏:‏ وقال أحمد بن حنبل‏:‏ يذكر المسح على الجوربين عن سبعة أو ثمانية من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ ومسح على الجوربين‏:‏ عليُّ بن أبي طالب وابن مسعودِ والبراء بن عازبِ وأنس بن مالكِ وأبو أمامة وسهل بن سعدِ وعمرو بن حُرَيث؛ وروي ذلك عن‏:‏ عمر بن الخطَّاب وابن عبَّاسِ رضي الله عنهما‏.‏

وقال ابن المنذر‏:‏ ويروى إباحة المسح على الجوربين عن تسعةِ من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وذكر منهم‏:‏ ابن عمر وابن أبي أوفى‏.‏

ورواه سعيد بن منصور عن أبي مسعودِ البدري‏.‏

383- وقال سعيد‏:‏ ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن عبيد الله بن عبيد الكَلاعيَّ عن مكحول عن الحارث بن معاوية الكندي وأبي جندل بن سهيل قالا‏:‏ سألنا بلالاً مؤذن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونحن على مطهرة الدَرج بدمشق، ونحن نتوضَّأ فيها- عن المسح على الخفين، فقال‏:‏ سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏امسحوا على النَّصيف والمُؤق‏"‏‏.‏

384- وقال الحسن بن محمَّد الزعفراني‏:‏ ثنا عليٌ ثنا ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن الحارث بن معاوية وسُهيل بن أبي جندل أنَّهما سألا بلالاً عن المسح، فقال‏:‏ سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏امسحوا على الخفين والمؤُق‏"‏‏.‏

قال الدَارَقُطني‏:‏ وأبو جندل بن سهيل أشبه بالصَّواب O‏.‏

مسألة ‏(‏60‏)‏‏:‏ إذا انقضت مدَه المسح، أو ظهر القدم، استأنف الوضوء‏.‏

وعنه‏:‏ أنه يجزئه غسل رجليه، كقول أبي حنيفة ومالك‏.‏

وعن الشافعي كالروايتين‏.‏

لنا‏:‏ الأحاديث المتقدمة في التَوقيت‏.‏

ز‏:‏ هذا الخلاف مبنيٌ على أنَ المسح هل يرفع الحدث عن الرِّجل‏؟‏ فإن قلنا‏:‏ لا يرتفع عنها، فقد ارتفع عن الوجه واليدين والرأس، وبقي الرِّجلان، فيكفيه غسلهما‏.‏

وإن قلنا‏:‏ يرتفع، فبالخلع عاد، والحدث لا يتبعض، فيجب استئّناف الوضوء‏.‏

وقيل‏:‏ منشأ الخلاف‏:‏ جوز التفريق، فإن جاز أجزأه غسل قدميه، ومسح رأسه في خلع العمامة؛ وإلا أعاد الوضوء لفوات شرطه، وهو‏:‏ الموالاة‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ والصحيح الأوَل، لأن الخلاف واقعٌ في المسألتين مطلقاً، سواء كان عقب الوضوء، أو بعد مضي زمان يحصل به التفريق O‏.‏

مسألة ‏(‏61‏)‏‏:‏ إذا كان في أعضائه جَبيرة لزمه المسح عليها‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يلزمه‏.‏

لنا‏:‏ حديث جابر‏:‏ ‏"‏إنَّما كان يكفيه أن يعصب جرحه، ويمسح عليه‏"‏‏.‏

وسيأتي بإسناده في مسائل التيمم- إن شاء الله تعالى-‏.‏

وقد استدلَ أصحابنا بأحاديث فيها مقالٌ‏:‏ 385- قال الدَارَقُطنيُ‏:‏ ثنا أبو بكر الشَافعيُ ثنا أبو عمارة محمَد بن أحمد ابن المهدي ثنا عبدوس بن مالك العطَار ثنا شَبابة ثنا وَرقَاء عن ابن أبي نَجيح عن مجاهدِ عن ابن عمر أن النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمسح على الجبائر‏.‏

قال الدَارَقُطنيُ‏:‏ لا يصحُ مرفوعاً، وأبو عمارة ضعيف جدا‏.‏

386- قال‏:‏ وثنا دَعْلَج ثنا محمَد بن علي بن زيدِ ثنا أبو الوليد وهو‏:‏ خالد بن يزيد المكيُ ثنا إسحاق بن عبد الله بن محمَد بن علي بن الحسين ثنا الحسن بن زيد عن أبيه عن علي قال‏:‏ سألتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الجبائر تكون على الكسر، كيف يتوضأ صاحبُها‏؟‏ وكيف يغتسل‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏يمسح بالماء عليها‏"‏‏.‏

قال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ خالد بن يزيد ضعيفٌ‏.‏

وقال أبو حاتم الرازيَّ ويحيى بن معينِ‏:‏ كذَابٌ‏.‏

ز‏:‏ الحسن بن زيد- هذا-، هو‏:‏ ابن عليَّ بن الحسين بن عليَّ بن ‏[‏أبي‏]‏ طالب‏.‏

وأبوه زيد بن علي هو‏:‏ أخو محمَد بن علي الباقر، ولم يدرك جدَه علياً O‏.‏

387- قال الدَارَقُطْنيُ‏:‏ وثنا محمَد بن إسماعيل الفارسيُ ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد الرزَاق عن إسرائيل عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن أبيه عن جدِّه عن علي قال‏:‏ انكسر أحد زنديَّ، فسألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمرني أن أمسح على الجبائر‏.‏

قال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ عمرو بن خالد هو‏:‏ أبو خالد الواسطيُ، متروكٌ‏.‏

قلت‏:‏ وقد كذَّبه أحمد ويحيى، وسبق القدح فيه‏.‏

ز‏:‏ حديث عليٍّ‏:‏ رواه ابن ماجه‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ هو حديث باطلٌ، لا أصل له، وعمرو بن خالد متروك الحديث‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ وقد تابع عمرو بن خالد‏:‏ عمر بن موسى بن وجيه، فرواه عن زيد بن علي مثله‏.‏

وعمر بن موسى متروك، منسوبٌ إلى الوضع، ونعوذ بالله من الخذلان‏.‏

وروي بإسنادٍ آخر مجهول عن زيد بن علي، وليس بشيءٍ‏.‏

ورواه أبو الوليد خالد بن يزيد المكيُّ بإسنادِ آخر عن زيد بن عليٍّ عن عليٍّ مرسلاً‏.‏

وأبو الوليد ضعيفٌ، ولا يثبت عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب شيءٌ O‏.‏

مسائل الغسل

مسألة ‏(‏62‏)‏‏:‏ يجب الغسل بالتقاء الختانين، خلافاً لداود‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 388- الحديث الأوَل‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ ثنا أبو نعيم عن هشام عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا جلس بين شُعبها الأربع، ثم جَهَدها، وَجَب الغسل‏"‏‏.‏

وأخرجه مسلمٌ‏.‏

ز‏:‏ ورواه من رواية مَطَر عن الحسن، وزاد‏:‏ ‏"‏وإن لم يُنزل ‏"‏ O‏.‏

389- الحديث الثَاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا إسماعيل أنا عليُّ بن زيدٍ عن سعيد بن المسيَّب عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا قعد بين الشعَب الأربع، ثم ألزق الخِتَان بالخِتان، فقد وجب الغسل ‏"‏ انفرد بإخراجه مسلم‏.‏

ز‏:‏ لفظ مسلم‏:‏ ‏"‏إذا جلس بين شعبها الأربع، ومسَّ الخِتَان الخِتَان، فقد وَجَب الغسل‏"‏‏.‏

ولم يروه من حديث عليَّ بن زيد‏.‏

390- وروى أبو داود عن أبي هريرة عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا قعد بين شُعَبها الأربع، وألزق الخِتَان بالخِتَان، فقد وجب الغسل ‏"‏ O‏.‏

391- طريقٌ آخر‏:‏ قال أحمد‏:‏ وثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعيُ ثنا عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ إذا جاوز الخِتَان الخِتَان فقد وَجَب الغسل، فعلتُه أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاغتسلنا‏.‏

قال الترمذيَّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه الترمذيَّ عن ابن مثنَى عن الوليد‏.‏

ورواه النَسائيُ عن عبيد الله بن سعيد عن الوليد‏.‏

ورواه ابن ماجه عن عليَّ بن محمَد الطنَافِسي ودُحيم عن الوليد‏.‏

وقال الترمذيَّ في ‏"‏ العلل ‏"‏‏:‏ قال البخاريَّ‏:‏ هذا الحديث خطأ، إنَّما يرويه الأوزاعيُ عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلاً‏.‏

وقال‏:‏ قال أبو الزناد‏:‏ سألتُ القاسم بن محمَد‏:‏ سمعتَ في هذا الباب شيئاً‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

وقد روى هذا الحديث الدَارَقُطْنيُ من رواية العبَاس بن الوليد بن مَزْيَد عن أبيه عن الأوزاعي‏.‏

وقال‏:‏ رفعه الوليد بن مسلم والوليد بن مَزْيَد‏.‏

وذكر أنَ بشر بن بكر وجماعة رووه موقوفاً‏.‏

وقد صحَّح هذا الحديث ابن القطَان، ولم يلتفت إلى ما قيل فيه‏.‏

392- وعن جابر عن أم كلثوم بنت أبي بكر عن عائشة أنَ رجلاً سأل النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل يجامع أهله، ثم يُكْسِل- وعائشة جالسةٌ-، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إني لأفعل ذلك أنا وهذه، ثم نغتسل‏"‏‏.‏

رواه مسلمٌ، وهذا من رواية الصحابة عن التابعين، لأنَ جابر بن عبد الله صحابيٌ، وأمُ كلثوم بنت أبي بكر من التابعين، ولدت بعد موت أبيها‏.‏

393- وعن أبيِّ بن كعبِ أنَ الفتيا التي كانوا يقولون‏:‏ ‏(‏الماء من الماء‏)‏ رخصة كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخَّص بها في أول الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بعدها‏.‏

رواه الإمام أحمد- وهذا لفظه- وأبو داود وابن ماجه والترمذيَّ وقال‏:‏ حديث حسنٌ صحيحٌ‏.‏

394- وعن رافع بن خَديجٍ قال‏:‏ ناداني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا على بطن امرأتي، فقمت ولم أُنزل، فاغتسلت، وخرجت فأخبرته، فقال‏:‏ ‏"‏لا عليك، الماء من الماء‏"‏‏.‏

قال رافع‏:‏ ثمَّ أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك بالغسل‏.‏

رواه الإمام أحمد من رواية رِشدين بن سعد، وفيه‏:‏ ‏(‏عن بعض ولد رافع عن رافع‏)‏ لم يسمِّه‏.‏

395- وعن الزهري قال‏:‏ سألتُ عروة عن الذي يجامع أهله ولا يُنْزِل، فقال‏:‏ نُولِّ النَّاس أن يأخذوا بالآخر من أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حدَّثتني عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك ولا يغتسل، وذلك قبل فتح مكَّة، ثُمَّ اغتسل بعد ذلك، وأمر النَّاس بالغسل‏.‏

رواه أبو حاتم البُستي والدَّارَقُطني O‏.‏

مسألة ‏(‏63‏)‏‏:‏ إذا أسلم الكافر فعليه الغسل‏.‏

وقال أبو حنيفة والشَّافعي‏:‏ يستحب له‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 396- الحديث الأوَل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا عبد الرَّحمن ثنا سفيان عن الأغر عن خليفة بن حُصَين بن قيس عن جده قيس بن عاصم أنَّه أسلم، فأمره النَبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يغتسل بماءَ وسِدرٍ‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود والنَّسائي والتِّرمذي وقال‏:‏ حديثٌ حسنٌ‏.‏

وخليفة بن حُصَين‏:‏ وثَقه النَّسائي وابن حِبَّان، وروى عنه الأغر ابن الصَبَاح فقط، وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين‏:‏ الأغر بن الصَبَّاح عن خليفة بن حُصَين‏:‏ ثقةٌ‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ صالحٌ‏.‏

وقال النَّسائي‏:‏ ثقةٌ O‏.‏

397- الحديث الثَاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا عبد الرَحمن ثنا عبد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد المقَبرُيٌ عن أبي هريرة أنَّ ثُمامة أسلم، فقال النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏اذهبوا به إلى حائط بني فلان، فمروه أن يغتسل‏"‏‏.‏

ز‏:‏ عبد الله بن عمر العُمَريُّ‏:‏ تُكلم فيه‏.‏

ورواه البيهقي من رواية عبد الرَّزَّاق عن عبيد الله وعبد الله ابني عمر عن سعيد المقبُري عن أبي هريرة، وفيه‏:‏ وأمره أن يغتسل فاغتسل‏.‏

وقال الطَّبرانيُّ‏:‏ هذا الحديث عند سفيان عن عبد الله وعبيد الله‏.‏

وقال الخطيب‏:‏ ورواه عبد الله الأشجعي عن سفيان الثوريِّ عن عبيد الله بن عمر‏.‏

ورواه عبد الرزَّاق بن همَام عن عبيد الله وعبد الله ابني عمر جميعاً عن سعيد المقَبِرُيِّ‏.‏

وفي ‏"‏ الصَّحيحين ‏"‏ أنه اغتسل، وليس فيه أمر النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له بذلك‏.‏

398- وقال أبو يعلى الموصلي في ‏"‏ مسنده ‏"‏‏:‏ حدثنا بشر بن سَيحَان ثنا عمرو بن محمَد الرََّزِيني- قال‏:‏ وما رأيت مثله بعيني قط- ثنا سفيان الثَوريُ عن رجلِ عن سعيد بن أبي سعيدِ المقبرُي عن أبي هريرة قال‏:‏ لمََّا أسلم ثُمامة أمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يغتسل، ويصلِّي ركعتين‏.‏

وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الغسل واجبٌ إن أصابته جنابة في الكفر‏.‏

ومن لم يوجب الغسل مطلقاً حمل الأمر الوارد فيه على الاستحباب، لأنَّ استقراء أحوال المسلمين في عهده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقتضي عدم وجوب الغسل مطلقاً، فإنَّهم كانوا يدخلون في الدِّين أفواجاً- ولهم الأولاد والزَّوجات- ولا يؤمرون بالغسل، مع استحالة كونهم لم تصبهم جنابة O‏.‏

مسألة ‏(‏64‏)‏‏:‏ لا يجب إمرار اليد في غسل الجنابة‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ يجب‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ 399- الحديث الأول‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا حُجَين بن المثنَى ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن سليمان بن صُرَد عن جُبير بن مُطْعِم قال‏:‏ تذاكرنا غسل الجنابة عند النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أمَّا أنا فآخذ ملء كفي من الماء، فأصبُّ على رأسي، ثم أفيض بعد على سائر جسدي‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

400- الحديث الثاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ وثنا وكيعٌ ثنا الأعمش عن سالم عن كريب ثنا ابن عبَّاس عن خالته ميمونة قالت‏:‏ وضعت للنَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غسلاً، فاغتسل من الجنابة، فأكفأ الإناء بشماله على يمينه، فغسل كفيه ثلاثا، ثم أفاض على فرجه، ثم تمضمض واستنشق، وغسل وجهه ثلاثا، وذراعيه ثلاثا، ثم أفاض على رأسه ثلاثا، ثم أفاض على سائر جسده الماء، ثم تنحَى فغسل رجليه‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

401- الحديث الثَالث‏:‏ قال الدَّارَقُطني‏:‏ ثنا البغويُّ ثنا عبيد الله بن عمر القواريري ثنا سفيان عن أيُّوب بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد المقَبُريٌ عن عبد الله بن رافعِ عن أمِّ سلمة قالت‏:‏ كنتُ امرأة أشدُّ ظفر رأسي، فسألَت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏إنَّما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات- أو‏:‏ ثلاث حفناتِ- ثم تُفرغي عليك، فإذا أنت قد طَهُرت‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه مسلمٌ وأصحاب ‏"‏ السنن الأربعة‏"‏‏.‏

ورواه رَوح بن القاسم والثَوريُّ عن أيُّوب بن موسى O‏.‏

احتجوا بثلاثة أحاديث‏:‏ 402- الحديث الأوَّل‏:‏ قال سعيد بن منصور‏:‏ ثنا عبد العزيز بن محمَّد أخبرني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أن يغتسل من الجنابة‏:‏ غسل يديه، ومضمض، وتوضَّأ، ويدلك بأصابعه أصول شعره، فإذا خيِّل إليه أنَّه قد استبرأ البشرة أفاض على جلده من الماء‏.‏

403- الحديث الثَاني‏:‏ قال التِّرمذىُّ‏:‏ ثنا نصر بن علي ثنا الحارث بن وجيهٍ ثنا مالك بن دينار عن محمَد بن سيرين عن أبي هريرة عن النَّبيٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏تحت كل شعرةٍ جنابة، فاغسلوا الشَّعر وأنقُوا البشرة‏"‏‏.‏

تفرَد به الحارث بن وجيهٍ عن مالكِ مرفوعاً، وإنَما يروى هذا عن أبي هريرة من قوله‏.‏

قال يحيى بن معينِ‏:‏ الحارث بن وجيهِ ليس بشيءٍ‏.‏

قال ابن حِبَان‏:‏ ينفرد بالمناكير عن المشاهير‏.‏

ز‏:‏ وروى هذا الحديث‏:‏ ابن ماجه وأبو داود وقال‏:‏ الحارث بن وجيه حديثه منكرٌ، وهو ضعيف‏.‏

وقال الترمذيَّ‏:‏ حديث الحارث بن وجيهِ حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديثه، وهو شيخ ليس بذاك، وقد روى عنه غير واحدٍ من الأئمة، وقد تفرَد بهذا الحديث عن مالك بن دينار‏.‏

‏[‏وذكر الدَارَقُطْنيُ أنه غريبٌ من حديث محمَد بن سيرين عن أبي هريرة، تفرد به مالك بن دينار،‏]‏ وعنه الحارث بن وجيهِ‏.‏

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم‏:‏ سألت أبي عن حديثِ رواه الحارث بن وجيهِ عن مالك بن دينارِ عن محمَد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاَ‏:‏ ‏"‏تحت كل شعرةٍ جنابة، فاغسلوا الشَّعر، وأنقوا البشر‏"‏‏.‏

قال أبي‏:‏ هذا حديث منكرٌ، والحارث ضعيف الحديث‏.‏

وروى ابن عَدِي للحارث بن وجيهِ هذا الحديث وحديثاً آخر، وقال‏:‏ لم يحدِّث بهما عن مالك بن دينار غيره‏.‏

وقد ضعَّف هذا الحديث أيضاً‏:‏ الشَّافعي ويحيى بن معيِن والبخاريُّ‏.‏

ويروى عن الحسن مرسلاً‏.‏

ويروى موقوفاً على أبي هريرة، كما تقدَّم O‏.‏

404- الحديث الثالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا حسن بن موسى ثنا حمَّاد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن زاذان عن علي قال‏:‏ سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏من ترك موضع شعرةٍ من جنابةٍ لم يصبها الماء فعل ‏[‏الله‏]‏ به كذا وكذا من النار‏"‏‏.‏

قال عليٌّ‏:‏ فمن ثَمَّ عاديت رأسي‏.‏

والجواب‏:‏ أنَّ هذه الأحاديث محمولةٌ على من يمنع شعرُه الماءَ أن يصل إلى جلده‏.‏

ز‏:‏ وروى حديث علي من رواية عطاء بن السَائب أيضاً‏:‏ ابنُ ماجه وأبو داود، ولفظه‏:‏ فمن ثمَّ عاديت رأسي- ثلاثاً-‏.‏

وكان يجزُّ شعره- رضي الله عنه-‏.‏

وذكر الدَارَقُطْنيُ في ‏"‏ العلل ‏"‏ أنَه روي موقوفا، ثم قال‏:‏ وعطاء تغيَّر حفظه O‏.‏

مسألة ‏(‏65‏)‏‏:‏ يجب إيصال الماء في غسل الجنابة إلى باطن اللحية‏.‏

وعن مالك رواية‏:‏ لا يجب‏.‏

لنا‏:‏ الأحاديث التي تقدَّمت‏.‏

405- وقال أحمد‏:‏ ثنا إسماعيل ثنا أيُوب عن أبي قِلابة عن رجلِ من بني عامر عن أبي ذر عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَه قال‏:‏ ‏"‏إن الصعيد الطيب طهورٌ، ما لم تجد الماء، ولو إلى عشر حججِ، فإذا وجدت الماء فأمسس بشرتك‏"‏‏.‏

احتجُّوا‏:‏ بقوله عليه السَلام‏:‏ ‏"‏أمَا أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثياتٍِ‏"‏‏.‏

وقد تقدَّم بإسناده‏.‏

مسألة ‏(‏66‏)‏‏:‏ غسل الجمعة سنَةٌ

وحكي عن مالك وداود‏:‏ أنَه واجبٌ‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 406- بما روى أحمد‏:‏ ثنا أبو سلمة الخزاعيُ أنا مالك عن صفوان بن سُلَيم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيدِ الخدري أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏غسل يوم الجمعة واجبٌ على كلَّ محتلمٍ‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

407- قال أحمد‏:‏ وثنا معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا جاء أحدكم يوم الجمعة فليغتسل‏"‏‏.‏

ز‏:‏ أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين ‏"‏ O‏.‏

والجواب‏:‏ أنَ النَاس انقسموا في هذه الأحاديث فريقين‏:‏ فمنهم من قال‏:‏ معنى واجب‏:‏ لازمٌ في باب الاستحباب، كما يقال‏:‏ حقُّك عليَّ واجبٌ‏.‏

وهذا اختيار أبي سليمان الخطَّابيِّ، يدلُّ عليه أنَه قرنه بما لا يجب‏:‏ 408- فروى أحمد‏:‏ ثنا الحسن بن سَوَّار ثنا ليث عن خالد بن يزيد عن سعيد عن أبي بكر بن المنكدر أن عمرو بن سُلَيم أخبره عن عبد الرَحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَه قال‏:‏ ‏"‏إنَّ الغسل يوم الجمعة على كل محتلمٍ، والسِّواك، وأن تمسَّ من الطَّيب ما تقدر عليه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ أخرجه مسلمٌ O‏.‏

409- قال أحمد‏:‏ وثنا وكيع ثنا سفيان عن يحيى بن سعيدِ عن عَمرة عن عائشة قالت‏:‏ كان الناسُ عمَّالَ أنفسِهم، فكانوا يَرُوحون كهيئتهم، فقيل لهم‏:‏ لو اغتسلتم‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَحيحين ‏"‏ ويؤكد هذا‏:‏ أنَّ الصَّحابة لم ينكروا على من ترك الغسل‏:‏ 410- فروى البخاريُّ‏:‏ ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء أنا جويرية عن مالكٍ عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر أنَّ عمر بن الخطَاب بينا هو قائم في الخطبة يوم الجمعة، إذ دخل رجلٌ من المهاجرين ‏[‏الأوَّلين‏]‏، فناده عمر‏:‏ أيَّهُ ساعةٍ هذه‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتَّى سمعتُ التأذين، فلم أزد على أن توضَّأتُ، فقال‏:‏ والوضوء أيضاً‏؟‏‏!‏ وقد علمتَ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر بالغسل‏.‏

وأخرجه مسلم‏.‏

والرجل‏:‏ عثمان، ولم ينكر عليه ترك الغسل بمحضرٍ من الصَّحابة، فهذا كلُه يدلُّ على أنَّه إنَّما أمر بالغسل أمر استحبابٍ‏.‏

وقد ذهب قومٌ بلى وجوبه للفظ حديث أبي سعيد، وادعوا أنَّه نُسخ‏:‏ 411- بما روى أحمد‏:‏ ثنا عبد الصَّمد ثنا همام عن قتادة عن الحسن عن سَمُرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من توضَّأَ فبها ونِعْمَت، ومن اغتسل فذاك أفضل‏"‏‏.‏

وفي هذه الدعوى بعدٌ، لأَنه لا تاريخ معنا، وأحاديث الوجوب أصحُ، والوجه ما ذكرناه من أنه مستحبٌ ومندوبٌ‏.‏

ز‏:‏ وقد روى حديث الحسن عن سَمُرة‏:‏ أبو داود والنسائيُ والترمذيَّ وقال‏:‏ حديث حسن، وروى بعضهم عن قتادة عن الحسن عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا الحديث، مرسلا‏.‏

412- وقال الطبرانيُ‏:‏ ثنا محمَد بن عبد الرحمن المروزيُّ ثنا عثمان بن يحيى القرسانيُ ثنا مؤمَل بن إسماعيل ثنا حمَّاد بن سلمة عن ثابت البُنَاني عن أنس أنَّ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من توضَّأَ فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل‏"‏‏.‏

قال الطبرانيُ‏:‏ لم يروه عن حمَّاد إلا مؤمل، تفرَّد به عثمان بن يحيى‏.‏

مؤمَل بن إسماعيل‏:‏ صدوق، وقد تكلَم فيه البخاريَّ‏.‏

413- وعن يزيد الرَقَاشِي عن أنسِ عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من توضأَ يوم الجمعة فبها ونعْمَت، تجزئُ عنه الفريضة، ومن اغتسل فالغسل أفضل‏"‏‏.‏

رواه ابن ماجه، ويزيد الرقَاشِيُ‏:‏ تكلم فيه غير واحدٍ من الأئمة‏.‏

ورواه البيهقي وغيره من رواية أَسِيد بن يزيد الجمَّال- وهو ضعيفٌ- عن شَريك عن عوفِ عن أبي نَضرة عن أبي سعيدِ مرفوعاً‏.‏

ورواه ابن عَدِي من رواية عبيد بن إسحاق- وهو ضعيفٌ- عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعاً أيضاً‏.‏

414- وقال البيهقيُ‏:‏ أنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو أحمد محمَد بن محمَّد ابن إسحاق الصفَّار العدل ثنا أحمد بن نصر ثنا عمرو بن طلحة القَنَّاد ثنا أسباط ابن نصر عن السُّدِّيِّ عن عكرمة عن ابن عبَّاسِ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من توضَّأ فبها ونِعمَت، ويجزئ من الفريضة ومن اغتسل فالغسل أفضل‏"‏‏.‏

قال البيهقي‏:‏ وهذا الحديث بهذا اللفظ غريبٌ من هذا الوجه، وإنَّما يعرف من حديث الحسن وغيره‏.‏

415- وقال أبو داود الطيالسيُ‏:‏ ثنا أو حُرَّة عن الحسن عن عبد الرحمن بن سَمُرَة- قال‏:‏ ولا أعلمه إلا عن النبي‏"‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ‏[‏أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏]‏ قال‏:‏ ‏"‏من توضأ فبها ونعمَت، ومن اغتسل فالغسل أفضل‏"‏‏.‏

رواه البيهقيُ، وقال‏:‏ ورواه بكر بن بكَار عن أبي حُرَة بإسناده قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يشك O‏.‏